شاعر يحتضر

شاعر يحتضر .. أفٍ لك أيتها الحياة ما أظلمك وما أقساك
وأنت أيها الموت، أيها الشهم الذي لا يشبع، كم أنت غاشم قهـّار..
تلك قيثارتي تتحطم أوتارها وتراً إثر وتر ،
وتلك وريقات حياتي تصّفر وتتساقط أثر ورقة..
وتلك روحي، يطويها القدر شيئاً فشيئا، ليعيدها كما كانت، الى البرزخ الابدي.
أيتها البلابل النشوى .. أيتها الحساسين الغردة .. أصمتي ..
فلقد صمتت قيثارة شاعرك .. وساد عالمه سكون مهيب .. أيتها الحياة الساحرة !
أيتها الطبيعة الفاتنة، أخلعي عنك رداء السحر والفتون..
لقد خلعت دنياك شاعرها عن عرشه المتألق الوهّاج.
أيها القمر الأنيس، يا خليّ الوحيد، يا رفيق أحزاني والآمي. أتذكر كم ليلة آنستني ؟!
وكم عشية سقيتني، من مشاعرك، أكوؤساً دهاقاً؟
أتذكر كم ناجيت حبي بين يديك؟ وبكيت قلبي أمام ناظريك؟
وأنت أيها البحر الواسع المحيط .. العميق عمق نفسي،
الواسع سعة خيالي الجامح، وشعري الشارد..
أيها القمر .. يا مؤنسي وسميري !
أيها البحر .. يا ملهمي وصديقي !
ابكيا الشاعر الراحل .. فسيفارقكما الى الأبد !
لقد تقطعت أوتار قيثارتي، لم يبقى سوى وتر واحد يحركه آخر لحنٍ لديّ.
وتساقطت وريقات حياتي ..
فوداعاً أيتها الحياة ..
وداعاً أيتها الطبيعة ..
وداعاً أيها القمر .. أيتها الحساسين..
وداعاً أيها البلبل ..
وداعاً قيثارتي الثكلى ..!
ولفظ الشاعر نفسه الأخير ..
إذ انقطع الوتر الأخير